"المواطنة والهوية الوطنية في الأردن والوطن العربي"

أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) هبة الكايد – أكد عميد كلية الآداب في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القضاة أن "المواطنة والهوية الوطنية في الأردن والوطن العربي" لمؤلفه أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الدكتور مجد الدين خمش كتابٌ جامع شامل يمتلك رؤية واضحة في موضوعاته وأطروحاته.
 
 
وقال القضاة خلال جلسة حوارية نظمتها مكتبة الجامعة لإشهار الكتاب بحضور نائب رئيس الجامعة لشؤون الكليات الإنسانية الدكتور أحمد مجدوبة ونخبة من الأساتذة والمثقفين "إن الكتاب يؤكد في مضامينه للقارئ الحصيف بأن الجهد الأكاديمي المبني على قاعدة معرفية وفكرية وثقافية واعية يعطي ثقة عالية له لكي يبقى على تماس مع أصحاب هذه الأفكار التي بدأت هنا في الجامعة حتى أزهرت وأورقت ثمارا يانعة".
 
 
وأضاف أن الكتاب يمثل مؤشرات معرفية وعاطفية ومهاراتية للمواطن الصالح يتم التوافق عليها اجتماعيا وتربويا، وعلى وسائل الإعلام الاسترشاد بها لتوجيه التعليم والتعلم والتربية السوية والإرشاد بشكل عام لإنتاج المواطن الصالح بما يتناسب والتحديات الملتهبة ومتطلبات سوق العمل، وكذلك توجيه الشباب نحو التعليم التقني المهني والاكتشاف والابتكار، معللا أن قراءة واقع المجتمع الأردني وقضاياه الكثيرة تحتاج من أبناء الوطن على اختلاف أطيافهم معاينتها بوعيهم وجدّهم لتجاوزها.
 
 
بدوره ثمّن عميد كلية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية الدكتور محمد القطاطشة جهد الكاتب حين لم يترك المفاهيم العالمية للمواطنة والهوية القومية تفلت من بين يديه؛ فجعلها موضوع أحد فصوله مصنفة وخاصة ما تعلق منها بمفاهيم العولمة والمواطنة عربيا وعالميا، معرجا على بعض الأعطاب التي لحقت بالفكر الإنساني وأصابته في بعض الأحيان بحجم من الضنك، ومنتقلا للجهود العالمية التي بذلت لمواجهة هذه التحديات التي تصاعدت لتصل إلى مرحلة التهديد والإساءة للإنسانية.
 
 
وزاد القطاطشة "إذا كان المشتغل بالفكر السياسي الاجتماعي حريصا على تفسير نفسه؛ فشأنه شأن كل العلماء والفقهاء يذهب لاستدراج حالة بعينها يقاربها ويتخذها حالة دراسة، ومن هنا عرّج الكاتب على استحضار الأوراق النقاشية ومناهج التربية الوطنية، وذهب بذلك كله نحو الحديث عن المبادئ العامة للتربية وترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمعات".
 
 
وأشاد بأن خمش لم يغفل عن تحديد أبعاد العقبات والصعوبات التي تواجه تحقيق مفاهيم المواطنة والهوية الوطنية كالتحديات الثقافية والسياسية وقضايا المرأة والشباب والعزوف عن المشاركة في الانتخابات وضعف المشاركة في منظمات المجتمع المدني وضرورة تفعيل دور الجامعات ودعمه وتعظيمه؛ على اعتبار أن الجامعات هي الحاضنة الأولى والأكبر لحُزَم من الشباب الذين تعرضوا لضرر كبير بسبب التشويه الذي أصاب الفكر العربي والإسلامي؛ الأمر الذي أدى إلى تشتت القيم وتمزق المجتمعات بين متطرف وإرهابي ومنكر للآخرين ومتطاول على الآداب والأخلاق العامة.
 
 
من جهته عبّر عميد كلية الدراسات العليا في الجامعة والمسجل العام الدكتور محمد الشريدة عن فخره بأنه كان أحد لجان تحكيم جائزة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للإبداع في دورتها التاسعة للعام 2017/2018 التي فاز فيها هذا الكتاب عن حقل الآداب والفنون الذي تقدم له 89 مشاركا مناصفة مع الدكتور محمد أبو صالح من دولة فلسطين.
 
 
وقال الشريدة "لقد استحق هذا الكتاب الفوز بتلك الجائزة لما يقدّمه للقارئ الأردني والعربي من تحليلات معمقة ومناقشات موسعة للمواطنة والهوية الوطنية في الأردن ضمن إطار عربي مقارن يأخذ بعين الاعتبار تجارب المواطنة في عدد من البلدان العربية لا سيّما الإمارات العربية المتحدة وتونس ومصر والجزائر.
 
 
وأضاف أن الكتاب يعرض نماذج معاصرة من المواطنة تشمل المواطنة القطرية والمواطنة القومية والمواطنة العالمية والمواطنة متعددة الثقافات، مع التركيز على أن المواطنة القطرية والهوية الوطنية القطرية السائدة في البلدان العربية حاليا تبقى الملاذ الأول للمجتمع لتمكين الدولة من حشد مواطنيها لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدفاع عن مكاسبهم الحياتية.
 
 
فيما اعتبر أستاذ التاريخ في الجامعة الدكتور مهند مبيضين أن الكتاب نص تحذيري ولافتة علمية مفادها "استفيقوا قبل وقوع الكارثة"، معقبا على بعض النصوص المتعلقة بالمؤشرات الرقمية حول بطالة الفتيات في الأطراف التي وصفها بالمرعبة، بالإضافة إلى موضوع المشاركة السياسية وما سجلته نسب الاقتراع في المحافظات والبوادي والأرياف مقارنة بالعاصمة عمّان، ما يستجدي على حد تعبيره التنبّه لكل ذلك والوقوف على المسببات الحقيقية لهذه الظواهر التي قد تتحول يوما ما إلى مشكلة أو معضلة يصعب الإلمام بها وحلّها.
 
 
إلى ذلك تحدث الكاتب خمش عما ورد بتحليلات الكتاب فيما يتعلق بالهوية الوطنية التي توجد على مستويين كاملين مستوى الهوية الذاتية للأفراد ومستوى الهوية الوطنية الجامعة؛ موضحا أن الفرد يمتلك هوية سياسية وطنية ذاتية تنتج عن ارتباطه بالدولة ومؤسساتها وبالمجتمع وجماعاته ومؤسساته المختلفة؛ فيشعر أن صفاته ومشاعره وسلوكياته انعكاس للولاء للدولة والانتماء للمجتمع.
 
 
وتابع أنه "بالرغم من أن الفرد يمتلك هويات ذاتية أخرى قرابية أو مهنية أو عمرية أو هويات عضوية في تنظيمات المجتمع المدني فإن هوية المواطنة تبقى لديه هي الأقوى والأشمل؛ فهي التي تنظم الهويات الأخرى ضمن مسارات الولاء والانتماء للدولة والمجتمع والقيام بالالتزامات والواجبات نحوهما قانونيا وأخلاقيا".
 
 
وقال خمش إن الهوية نتاج حراك تاريخي يختزل مجموعة من المؤثرات الجغرافية والثقافية والسياسية وقد تتأثر برهان الصراعات الاجتماعية؛ فتأخذ مدى واسعا من الزمن لترتكز في حالة مستقرة وقد تظل متحركة على حد قوله قابلة للتغيير أو عرضة له بحسب طبيعة تشكلها.
 
 
وأضاف "عند الحديث عن التاريخ والهوية فإنه قد يبدو من السذاجة الاكتفاء بالعودة إلى التاريخ واستدعاء الانتصارات والأمجاد أو الذهاب إلى تأكيد شرعية الدولة ورسوخها لأن هذا أقرب إلى توظيف التاريخ في سياق الشرعيات منه إلى مجال بحث تشكل الهوية وبنائها".
 
 
وتطرق في جانب من حديثه إلى أننا بحاجة إلى دراسة أشكال التمثل للجماعات داخل السلطة ومعرفة النفوذ الذي تُكسبه السلطة للمجموعات الاجتماعية؛ مما يمكنهم من تعريف نفسهم تعريفا خاصا قد يشكل مجموع تلك التعريفات مركب الهوية؛ الأمر الذي فسره الكاتب بأنه "بطبيعة الحال هنا يكون لكل مجموعة تاريخها وتشكلها ونسقها وثقافتها".
 
 
وفي ختام الجلسة الحوارية التي أدارها رئيس قسم علم الاجتماع الدكتور اسماعيل الزيود دار نقاش موسع بين الحضور والكاتب حول بعض المضامين التي طرحت موضوعات ثمينة، مطالبين بضرورة الوقوف عند بعضها وتبنّيها.