بدء أعمال المؤتمر الفلسفي العاشر في (الأردنية) بعنوان ( تحولات السلطة عالميا وإشكالية المفاهيم)

أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ ) فادية العتيبي- انطلقت في الجامعة الأردنية اليوم فعاليات المؤتمر الفلسفي العاشر (تحولات السلطة عالميا وإشكالية المفاهيم) التي نظمها قسم الفلسفة والجمعية الفلسفية الأردنية،  بمشاركة محلية وعربية واسعة.
 
 
ويهدف المؤتمر الذي تستمر أعماله ثلاثة أيام، إلى الوقوف على التحديات التي تعصف بعالم السياسة، في ظل التحولات المفصلية التي طرأت على خارطة السلطة، وتوزعاتها، وما رافقها من بروز لمفاهيم ومصطلحات لامست مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والأيديولوجية والتراثية، وأحدثت إشكاليات وتناقضات انعكست على مفاهيم السلطة والسياسة والديمقراطية.
 
 
وقال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عبد الكريم القضاة، في كلمة ألقاها لدى افتتاحه فعاليات المؤتمر إن موضوع المجتمع المدني يقع في صلب النقاشات حول التحوّلاتِ الديمقراطيّة، وحكم القانون وحقوق الإنسان وحريّاته الأساسيّة، لما يشكله من ركيزة أساسيّة تسهم في ترسيخ النظام الديمقراطي، مشيرا إلى أنّ وجود دولة قويّة غير سلطويّة ومجتمع مدني قوي يشكّلان الضامن الحقيقي للشرعيّة والاستقرار السياسي.
 
 
 
وأضاف أن تجسيد فكرة المجتمع المدني بحاجة إلى بناء الفرد العقلاني المستقل، وبلورة ذهنيّة تتخلّص من السلبيّات التي تؤثّر على محدّدات الفعْل الديمقراطي بالنسبة للمواطن مثل عدم الاستعداد للمشاركة أو الممارسة السياسية؛ وغياب التسامح الفكري المتبادَل؛ وفقدان الثقة بين المواطن والأنظمة السياسيةِ؛مؤكدا أن علاقة الفرد بالدولة لن تستقيم إلا إذا كانتْ تبادليّة، وتستندُ إلى القيَم الإنسانيّة الأساسيّة. وقد يكون المفتاح الأساسي بالنسبة للفرد هو تفعيل المواطنة للنهوض بدورها الإيجابي المنْشود.
 
 
 
وتابع القضاة حديثه قائلا: "لا شكّ في أن التحدّي الذي يواجه القوى الديمقراطيّة هو ممارسة المواطنة وتدريب الفرد على التصرّف كمواطن وتدريب القوى السياسيّة المختلفة على تبنّي مفهوم المواطنة"؛ مشيرا إلى دور الجامعة في تحقيق النهضة من خلال تصدرها لمراكز ريادية ومتقدمة في مختلف التصنيفات العالمية، والانتقال بمنظومتها التعليميّة من التعليم التقليديّ إلى التعليم الحديث لتتمكّن من المنافسة على مختلف الصعد، إلى جانب تركيزها على المنظومة القِيَمِيّة والثقافة في التعليم، لتمكين الطلبة من بناء مجتمعاتهم، والتحاور الحضاريّ مع أتباع الثقافات الأخرى.
 
 
 
في حين أوضح عميد كلية الآداب الدكتور محمد القضاة أن الفلسفة والحكمة والتسامح والجامعة شكلت عناوين مهمّة في عالم اليوم الذي تحكمه أنماط من الفوضى والمفاهيم العجيبة؛ مشيرا إلى ما تؤطره من فهم عميق لحكمة الفلسفة في بناء فكرٍ تنويريٍّ تحتاج إليه الحياة بمعطياتها ومتطلباتها ومعارفها وحقائقها، فضلاً عن دورها في اكتساب المعرفة التي تعدّ ضرورةً لإنسان هذا العصر.
 
 
 
وقدّر القضاة للجامعة إقرارَها مادةً إجباريّةً سميت بـ "مقدّمة في الفلسفة والتفكير الناقد"؛ انطلاقا من حرصها على تعزيز الدرس الفلسفي وبناء منهجيات التفكير والمهارات التواصلية والحوارية عند الطلبة، بغية الوصول إلى نشر ثقافة التسامح.
 
 
 
رئيس الجمعية الفلسفية الأردنية الدكتور ماهر الصراف أوضح أن المشتغلين في الساحة الفلسفية يدركون استفحال إشكالية المفاهيم في الفكر العربي المعاصر، حيث يعاني هذا الفكر من ارتباك في توظيف المفاهيم، وإطلاق المسميات دون تحديد أو تقنين؛ مشيرا إلى أن ثمة أولوية لفض الاشتباك بين المسميات من خلال ربط المصطلحات الدارجة في الفكر، بمفاهيم محددة تجعل من النصوص الفكرية نصوصا فاعلة في معالجة الإشكاليات التي تتصدى لها.
 
 
 
وأكد أن مفاهيم الدولة والمجتمع والمجتمع المدني والسلطة والحرية والديمقراطية من المفاهيم التي تحتاج إلى تحديدات راهنية في الفكر العربي المعاصر، وبين الصراف إشكالية أخرى تتعلق بتبني المفاهيم ذات المرجعيات الغربية وتطبيقها في الفضاء العربي، وما يترتب على ذلك  من اختلافات، كمفهوم الحرية الذي نشأ في الغرب في سياق الصراع الطبقي، في حين نشأ عند العرب في إطار الصراع مع المستعمر الغربي، الأمر الذي يستوجب الحذر في نقل النتاج الفكري الغربي حول الحرية الذي يتمحور حول الفكر الليبرالي، ومؤكدا أن ذلك ينطبق أيضا على مفهوم الدولة الذي يتشابه ظاهريا في المسمى، ويختلف في السياق التاريخي.
 
 
 
وفي كلمة لقسم الفلسفة، قال الدكتور عامر شطارة إن مؤتمرنا ينعقد تزامنا مع احتفالات العالم باليوم العالمي للفلسفة الذي أقرته منظمة اليونسكو، واتخذت من الخميس الثالث من شهر تشرين الثاني في كل عام يوما عالميا للاحتفال به، بغية التأكيد على قيمة الفلسفة، والتفكير الناقد، في تطور المجتمعات.
 
 
 
وقال إننا نعيش في عالم متغير وسريع، يحتم علينا إمعان النظر في المفاهيم التي هي أساس أي تفكير؛ مشيرا إلى أن المؤتمر جاء ليسلط الضوء على المفاهيم السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بالسلطة لارتباطهما الوثيق ببعضهما البعض، ومؤكدا أن ما يحصل من تغير متسارع في المجتمع أثر عليهما، ما نجم عن ذلك تحديات طرأت ومفاهيم رافقتها.
 
 
 
ويناقش المؤتمر أوراق عمل بحثية يقدمها نخبة من المفكرين والأكاديميين المتخصصين في علم الفلسفة من دول مثل : (تونس، والعراق، واليمن، وسورية، وفلسطين، ولبنان، والكويت)، تتطرق في موضوعاتها لمحاور تتعلق بالسلطة، والدولة، والهوية، والمفاهيم، والعالمية، والواقع العربي، وأيضا التراث.
وتنتظم في جلسات تعقد في اليوم الأول للمؤتمر في الجامعة الأردنية، في حين ستعقد جلسات يوم غد الجمعة في مقرّ الجمعيّة الفلسفية الأردنيّة، وستعقد الجلسة الختامية في ثالث أيام المؤتمر في مدينة إربد.