كلية الآداب تستضيف خريجة فوج الجامعة الأردنيّة الأول ليلى رصاص ضمن برنامج حديث الثلاثاء في الكلية




 ضمن البرنامج الأسبوعي لكلية الآداب في الجامعة الأردنية، استضافت الكلية خريجة الفوج الأول للجامعة ليلى رصاص، للحديث عن تاريخ الجامعة الأردنية وكلية الآداب في الفترة الأولى من إنشائها.

 

وقال عميد كلية الآداب الدكتور مهند مبيضين إن الجامعة الأردنية تستهدف، بتوجيهات من رئيسها، إعادة الحضور والتفاعل الثقافي مع الخريجين ومجتمع الجامعة، مشيرًا إلى أن هذا النهج سيكون حاضرًا ضمن "حديث الثلاثاء في كلية الآداب"، ومؤكدًا على أن الحديث حول التجارب السابقة هو حديث عن الذاكرة والنجاحات والتجارب والمعرفة.

 

وسردت رصاص ذكرياتها قائلة بأنها انتظرت ستة شهور للالتحاق بالدراسة الجامعية بعد أن أنهت الثانوية العامة من مدرسة المأمونية في القدس الشريف في حزيران 1962 بمعدل (62.8%) في الفرع الأدبي، في الوقت الذي حاز فيه الأول على امتحانات الثانوية العامة في مدارس الضفتين على معدل (83%).

 

وبسبب الظروف الصعبة للمنطقة آنذاك، ولكونها فتاة، لم تستطع رصاص الذهاب إلى أية دولة لإكمال دراستها الجامعية، ليتحقق بعدها حلم الشابة بالدراسة الجامعية بإعلان الإرادة الملكية السامية في أيلول من العام 1962، حين أعلن جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال البشرى بإنشاء الجامعة الأردنية؛ أول أبواب الخير في التعليم العالي في البلاد.

 

وحضرت ليلى آنذاك مع والديها إلى مكتب رئيس الجامعة الدكتور ناصر الدين الأسد، الذي وافق سريعًا على قبولها طالبة في كلية الآداب، وقد قدمت أوراقها الثبوتية ودفعت الرسوم المقررة، وقيمتها 12 دينارًا، بعد أن تمكنت عائلتها من جمع المبلغ بصعوبة لتصبح إحدى طالبات الفوج الأول في الجامعة الأردنية.

 

وبدأت العائلة في البحث عن سكن ملائم لابنتهم في عمّان، واستطاعت أن تحلّ هذه المعضلة بعد أن جرى الاتفاق مع أحد أقاربها لتقيم معهم في بيت يقع في جبل اللويبدة، لتزور رصاص ذويها في عُطَل نهاية الأسبوع، أي يوم الجمعة في القدس الشريف، بواسطة إحدى الحافلات العاملة على خط القدس عمّان وبالعكس، وبأجرة قدرها 16 قرشًا، حيث كانت الرحلة تستمر بين المدينتين ساعتين وأكثر أحيانًا.

 

ولم تجد ليلى أية معاناة في التنقل بين الجامعة الواقعة في قرية الجبيهة وبين وسط مدينة عمّان، إذ كانت تستقل حافلة مخصصة لطلبة الجامعة تنطلق يوميًّا من شارع السلط بأجرة مدعومة قيمتها قرش ونصف للرحلة الواحدة.

 

وتشير رصاص إلى أن الخامس عشر من كانون الأول 1962 كان يومًا تاريخيًّا ومِفصلًا مهمًّا في حياتها، فقد كان أول يوم دراسي في الجامعة، التي استقبلت 167 طالبًا وطالبةً للدراسة في كلية واحدة هي كلية الآداب .

 

وانتظم جميع الطلبة الجدد في قاعة كبيرة واحدة، مكانها الحالي هو متحف الآثار الذي يقع في قلب الحرم الجامعي حاليًّا، لافتةً إلى أنّ المواد الدراسية لطلبة السنة الأولى اشتملت على محاضرات في اللغتين العربية والإنجليزية والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس والإرشاد التربوي.

 

وأضافت بأن الدوام الدراسي كان يبدأ يوميًّا الساعة الثامنة صباحًا ويستمر حتى الثانية ظهرًا، يتخلله بعض النشاطات الرياضية، حيث كانت تُقام مباريات رياضية في كرة الطائرة وكرة اليد بمشاركة فرق من الجنسين.

 

وتقول ليلى "اليوم الأول بالنسبة لنا نحن الطالبات كان يومًا رهيبًا بسبب وجود شباب يدرسون معنا، كنا 17 طالبة نجلس في المقاعد الأمامية، لا حديث ولا كلام مع الطلاب، واستمر هذا الوضع لعدة شهور إلى أن أقامت الجامعة حفل تعارف، وانفرجت الأسارير وبدأت العلاقة تأخذ شكلها الطبيعي مع وجود كامل للضبط والرقابة الجامعية".

 

وتضيف "كنا نلقى اهتماما من جميع المسؤولين من أعلى المستويات، فقد كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال يزورنا بين الحين والآخر، وكانت الزيارات الملكية فجائية للاطمئنان علينا، إلى جانب اللقاءات المستمرة التي يعقدها الدكتور الأسد مع الطلبة، إذ كان يشجعنا دوما على ارتياد المكتبة ويحرص على إثرائها وتزويدها بالمؤلفات والسير والكتب وغيرها من المواد المكتبية".

 

وزادت رصاص بالقول "أما علاقتنا مع العاملين في الجامعة فكانت طيبة للغاية، وأذكر منهم الأستاذ حسن النابلسي مسؤول المالية والمرحوم محمود الأخرس مدير المكتبة ولوريس القدسي سكرتيرة رئيس الجامعة".

 

وتتذكر رصاص عددًا من المدرسين، منهم عبد الرحمن ياغي وعبد الكريم خليفة وعبد الكريم غرايبة وألبرت بطرس وهاشم ياغي ومحمود السمرة والمرحوم الدكتور فاخر عاقل الذي كان يحضر أسبوعيًّا من سوريا، "ومس كوتس"؛ المدرسة البريطانية التي كانت تدرس اللغة الإنجليزية.

 

وتستزيد رصاص مشيرة إلى أن "من أبرز الطلبة الذين أتذكرهم زليخة أبو ريشة والدكتور محمود حسني والدكتور عثمان البرغوثي وفواز طيفور وإبراهيم الأطرش ومحيي الدين توق ونايف مولا والمرحوم الدكتور بسام هارون وأسماء بهاء الدين ونائلة العمري والمرحومة الدكتورة عائدة دهمش".

 

وتلفت إلى أنها تحتفظ لغاية الآن بوثائق مهمة عن الجامعة، خصوصا العددين الأول والثاني من المجلة الثقافية التي أصدرتها كلية الآداب، وتحقيق صحفي نشر عن الجامعة في المجلة العسكرية، وصور لنشاطات الطلبة.

 

وتتذكر أنها سافرت ضمن وفد طلابي إلى الجمهورية العربية المتحدة – جمهورية مصر العربية، ليطّلع الوفد حينها على مواقع أثرية في مدن مصرية وأماكن حضريّة في القاهرة.

 

وقد شاركت مع الوفد أثناء زيارته لمصر في استقبال جلالة الملك المغفور له الملك الحسين في مطار القاهرة الدولي، كما كان في الاستقبال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

 

وتقول رصاص "إن الدراسة بالرغم من التحديات سارت على الوجه الأكمل"، كما كان ظُهرُ التاسع والعشرين من كانون الأول 1966 موعدًا مع حفل التخرج الذي أُقيم في مدرج سمير الرفاعي برعاية الراحل العظيم الحسين بن طلال وحضور كبار رجال الدولة، والذي وُزّعت فيه بطاقتان لكل خريج، بحيث يسمح للوالدين فقط بحضور حفل التخرج الذي تميز بدخول منظم للخريجين وأعضاء هيئة التدريس وهم يرتدون أرواب التخرج ملؤهم السعادة والفرح والسرور بهذه المناسبة.

 

وتصف رصاص تخريج ولديها من الجامعة الأردنية في التاسع والعشرين من حزيران 2008 بالصدفة الحسنة، إذ جاءت بعد أربعين عاما على تخرجها.

 

وبعد تخرجها، عُيّنت رصاص في مدرسة السلط الثانوية للبنات، لكنها لم تستمر في العمل طويلا بسبب اشتياقها لعائلتها التي تقيم في القدس الشريف، لذا عادت إلى مسقط رأسها لتعمل بوظيفة معلمة، واستمرت فيها 36 عامًا تخللها حوالي 14 عاما من التدريس في دولة ليبيا.

 

وتتذكر رصاص أول راتب تقاضته، إذ كانت قيمته 32 دينارًا، وهي الآن متقاعدة وتُقيم في عمّان التي أحبّتها ونهلت من جامعتها الأردنية العلم والمعرفة، بيد أنها تشعر بالندم لعدم إكمال دراساتها العليا.